جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة الصوم
صفحات بعد
صفحات قبل
( الصفحة 243 )

احتمالات فيه :

الأوّل : موارد الشبهات الحكميّة ; وهي الاُمور التي تتّفق خارجاً ولم يعلم حكمها ، كما لو مات زيد وله ثياب أو مصاحف عديدة ولم يعلم أنّ الحبوة هل تختصّ بواحد منها أو تشمل الكلّ ؟ ونحو ذلك ، وقد أمر على هذا التقدير بالرجوع إلى الرواة ، فتكون الرواية حينئذ من أدلّة حجّيّة الخبر لو كان المراد هو الراوي ، أو من أدلّة حجّية الفتوى لو كان المراد هو المجتهد . وعلى التقديرين لا ارتباط للرواية بالمقام ; فإنّ غاية مدلولها لزوم رجوع الجاهل إلى العالم والسؤال عن الحكم ، ومن الواضح أنّ في زمانهم (عليهم السلام) ، وحتى ما بعده بقليل، كان المرجع للسؤال في هذه الشبهات عند تعذّر الوصول الى الإمام (عليه السلام) أو تعسّره، هم رواة الأحاديث .

الثاني : الشبهات الموضوعيّة الواقعة مورد النزاع والخصومة والمطروحة في باب القضاء ، فتكون الرواية حينئذ من أدلّة نفوذ القضاء ، ويبعّد هذا الاحتمال ـ مضافاً إلى بعده في نفسه ـ أمران :

أحدهما : أ نّه لو كان المراد هذا الاحتمال لقال : فارجعوها ، بدل قوله (عليه السلام)  : «فارجعوا فيها» .

ثانيهما : أ نّه لا مدخل للراوي بما هو راو في مسألة القضاء ; لعدم كونها من شؤونه ، مع أنّ ظاهر الرواية الدخالة .

الثالث : مطلق الحوادث التي منها ثبوت الهلال الذي هو محلّ البحث في المقام .

ثمّ قال المناقش ما حاصله : إنّ هذا الاحتمال هو مبنى الاستدلال، ولكنّه لا مقتضي له بعدوجود الطرق الشرعيّة المتعدّدة لاستعلام الهلال، كالاُمور الخمسة المتقدّمة، ومن الواضح أنّ الأمر بالرجوع إنّما هو فيما لو كان الإمام (عليه السلام) حاضراً وكان الوصول إليه ممكناً، ومسألة الهلال لاتكون كذلك; فإنّه لاتجب فيهامراجعة الإمام (عليه السلام)

( الصفحة 244 )

بوجه ، ولم يعهدذلك في عصر أحدمن الأئـمّة (عليهم السلام) حتى أمير المؤمنين (عليه السلام) في زمان خلافته الظاهريّة ، فمحصّل الرواية وجوب الرجوع إلى الفقيه فيما يجب فيه الرجوع إلى الإمام (عليه السلام)  ، ولا دلالة فيها على ثبوت الولاية المطلقة للفقيه الشاملة للمقام(1) .

أقول : إن كان المقصود من وجود الطرق الشرعيّة السابقة لاستعلام حال الهلال، وجودها بالإضافة إلى الشيعة ، فهم كأئـمّتهم (عليهم السلام) كانوا مجبورين بإطاعة قضاة الناس والمشاكلة معهم في الأمر المربوط بالصيام والإفطار ، وببالي أنّ في الرواية ـ التي ذكرها الشيخ الأعظم (قدس سره) ـ قوله (عليه السلام)  : «لئن أفطر يوماً من شهر رمضان أحبّ إليّ من أن يضرب عنقي(2)»(3) .

وإن كان المقصود وجود تلك الطرق لغير الشيعة أيضاً ، فيدفعه أوّلاً : أنّه غير معلوم . وثانياً : أنّه مع وجودها كيف يلزمون أنفسهم بالتبعيّة لحكّامهم في هذه الجهة ، مع أنّه من الواضح ثبوت التبعيّة عندهم ، وهذا يشعر بل يدلّ على ثبوت هذا الحقّ بالإضافة إلى حكّام الشيعة .

وأمّا وجه عدم المعهوديّة في زمن الأئـمّة (عليهم السلام) ، ففي غير زمان أمير المؤمنين (عليه السلام) فواضح ; لما عرفت ، وأمّا في زمان المولى وخلافته الظاهريّة ـ فمضافاً إلى قلّة مدّتها ، وابتلائه في جلّها بالحروب المعروفة ـ يدفعه عدم المعلوميّة ، ومن المحتمل رجوع الناس إلى ذاته المقدّسة وشخصه الشريف ، بل لا يبعد أن يقال : إنّ سيرة المتشرّعة الثابتة في هذه الأزمنه من الرجوع إلى مراجعهم في هذا الأمر ، كان أصلها

  • (1) المستند في شرح العروة 22 : 82 ـ 84 .
    (2) الكافي 4 : 83 ح 9 ، وعنه وسائل الشيعة 10 : 132 ، كتاب الصوم ، أبواب مايمسك عنه الصائم ب 57 ح4 ، ولفظ «لئن» ليس بموجود فيهما.
    (3) كتاب الصوم للشيخ الأنصاري : 86 .

( الصفحة 245 )

ما هو المتداول من السابق ومعهوداً من زمن أمير المؤمنين (عليه السلام)  .

ويؤيّد الاحتمال الثالث عموم «الحوادث الواقعة» في الرواية باعتبار كونها جمعاً محلّى باللام ، مع أنّ إطلاق كلمة «الحادثة» ـ الدالّة على وجود أمر جديد وشيء لم  يكن قبلاً ـ على الشبهة الحكميّة وعلى الشبهات الموضوعيّة في باب التنازع والتخاصم محلّ نظر ، بل منع ، وإطلاقها على الهلال الذي يترتّب عليه آثار مهمّة، خصوصاً بالإضافة إلى الشهرين ، فالظاهر الصحّة ، سيّما مع ملاحظة ما ذكرنا من تبعيّة الناس لحكّامهم في ذلك ، فالإنصاف تماميّة دلالة الرواية وإن كان بحث ولاية الفقيه يحتاج إلى نطاق أوسع .

ومنها : مقبولة عمر بن حنظلة المعروفة ، المشتملة على قوله (عليه السلام)  : ينظران من كان منكم ممّن قد روى حديثنا ، ونظر في حلالنا وحرامنا ، وعرف أحكامنا ، فليرضوا به حكماً ، فإنّي قد جعلته عليكم حاكماً ، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنّما استخفّ بحكم الله وعلينا ردّ ، والرادّ علينا رادّ على الله ، وهو على حدّ الشرك بالله... الحديث(1) .

ونوقش(2) فيها أيضاً بضعف السند والدلالة :

أمّا ضعف السند: فلأ نّه وإن تلقّاها الأصحاب بالقبول ووسمت بالمقبولة ، إلاّ أنّه لم تثبت وثاقة ابن حنظلة وإن وردت فيه رواية(3) ظاهرة في أنّه في أعلى مراتب

  • (1) الكافي 1 : 67 ح10 ، تهذيب الأحكام 6 : 301 ح 845 ، الاحتجاج 2 : 260، الرقم 232 ، وعنها وسائل الشيعة 27 : 136 ، كتاب القضاء ، أبواب صفات القاضي ب 11 ح 1 .
    (2) المناقش هو السيّد الخوئي (قدس سره) في المستند في شرح العروة 22 : 84 ـ 86 .
    (3) الكافي 3: 275 ح 1 ، تهذيب الأحكام 2: 20 ح 56، وعنهما وسائل الشيعة 4 : 133 ، كتاب الصلاة ، أبواب المواقيت ب 5 ح 6 و ص 156 ب10 ح1 .

( الصفحة 246 )

التوثيق ، لكنّ الرواية ضعيفة من حيث السند في نفسها .

ولكنّ الظاهر أنّ المناقشة في سندها إنّما هو لأجل وجود مبنى عدم انجبار الضعف بالشهرة ، وإلاّ فعلى مبنى الانجبار ـ كما هو المختار ـ لابدّ من الاختيار كما وصفت بالمقبولة .

وأمّا من حيث الدلالة : فلما قيل : من أنّ دلالتها تتوقّف على مقدّمتين :

وحاصل الاُولى : أنّ دلالة المقبولة على جعل منصب القضاء في زمن الغيبة بل الحضور وإن كانت ثابتة بل واضحة ، خصوصاً مع ملاحظة التعبيرات التي فيها ، إلاّ أنّ المنصب المزبور يختصّ بمورد التنازع المفروض في صدر الحديث ، وإن كان في أمر يرجع إلى الهلال، كما إذا تمتّع بامرأة إلى الشهر ، فوقع الاختلاف في الانقضاء وعدمه من جهة رؤية الهلال وعدمها ، فترافعا عند الحاكم وقضى بالهلال ; فإنّ حكمه حينئذ نافذ بلا إشكال ، وأمّا نفوذ حكمه حتى في غير مورد الترافع ـ كما هو البحث في المقام ـ فلا دلالة للمقبولة عليه أصلاً .

وحاصل الثانية : أنّ وظيفة القضاة لم تكن مقصورة على ختم المنازعات فقط ، بل كان المتعارف لدى قضاة العامّة التدخّل في جميع الشؤون التي تبتلي بها العامّة ، ومنها: التعرّض لأمر الهلال والتصدّي للحكم بالرؤية أو بعدمها ، فإذا كان هذا من شؤون قضاة العامّة وثبت نصب الإمام قاضياً ، فبطبيعة الحال يثبت له جميع تلك المناصب . ولكنّك خبير بأنّ هذه المقدّمة أيضاً غير بيّنة ولا مبيّنة ; لعدم كونها من الواضحات ; فإنّ مجرّد التصدّي لا يكشف عن كونه من وظائف القضاة حتّى يدلّ نصب أحد لهذا المنصب على ثبوت الجميع ، مع احتمال أنّهم ابتدعوا هذا المنصب لأنفسهم كسائر بدعهم ; لعدم ثبوت الملازمة الشرعيّة ، بل ملازمة خارجيّة محضة ، فلم يثبت بمجرّد نصب القاضي حقّ الدخالة له في هذه المرحلة .

( الصفحة 247 )

والجواب عمّا يتعلّق بالمقدّمة الاُولى : هو أنّ مورد المقبولة وإن كانت صورة التنازع والترافع ، بل التنازع في الدين أو الميراث كما هو مورد السؤال فيها ، إلاّ أنّه لا ينبغي الإشكال في أنّ مفادها عامّ لجميع الموارد من دون اختصاص بتلك الصورة ; فإنّ غرض الإمام (عليه السلام) بيان أمر كلّي وإعطاء الضابطة في حقّ رواة الأحاديث الناظرين في حلالهم وحرامهم ، وقد سئل فيها عن الوظيفة فيما إذا اختلف الحكّام لأجل اختلاف مستندهم ، فأجاب (عليه السلام) في هذا المجال بلزوم الرجوع إلى المرجّحات المذكورة فيها ثمّ التخيير مع عدمها ، ولذا تمسّك الفحول بالمقبولة في باب علاج المتعارضين ، بل جعلوا المقبولة في رأس الأدلّة العلاجيّة ، فراجع باب التعادل والتراجيح في علم الاُصول .

وهل يسوغ التفوّه بأنّ حكم الحاكم بالهلال في مثل المثال المذكور واجب الإطاعة دون مثل المقام الذي لا يكون فيه تنازع ؟ فهل مخالفة حكم المجتهد في هذه الصورة ليست استخفافاً بحكم الله وردّاً عليهم (عليهم السلام)  ؟ فإذا حكم بثبوت الهلال يوم الشكّ وأفطر الناس فيه لا يكون هذا استخفافاً بحكم الله ، بخلاف ما إذا حكم بنفس ذلك في مورد النزاع والاختلاف ، ولعمري أنّ هذا الفرق من الغرابة بمكان ، وبعيد جدّاً عن فهم العرف الذين هم الملاك في فهم الروايات الصادرة .

وعمّا يتعلّق بالمقدّمة الثانية : أ نّ الظاهر ثبوت هذا المنصب لقضاة العامّة على طبق موازينهم ولو كانت فاسدة عندنا وكان وجوب إطاعتهم بحيث يخاف ضرب العنق من المخالفة ، وقد أشرنا(1) إلى أنّ الأئـمّة (عليهم السلام) قد حجّوا معهم حدود مائتين سنة، ولم يصدر منهم ما يدلّ على عدم حجّية حكم قضاتهم على طبق موازينهم

  • (1) في ص139.